صنعاء تستعد لعملية "حامي البحار" في قناة "بنما" و"البيت الأخضر" يشرح ميزان القوة بين اليمن وأمريكا
تقارير - Monday 15 January 2024 الساعة 10:23 pmتجري جمهورية اليمن الاتحادية العظمى مشاورات ثنائية ومتعددة الأطراف مع العديد من القوى الإقليمية والدولية، بهدف إنشاء تحالف دولي لمواجهة المخاطر والتحديات التي باتت تُواجِه حركة الملاحة البحرية في قناة بنما الواقعة بين القارتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، والتي تُعَد -وفقاً لما ذكرته صحيفة "غارديان" البريطانية- ممراً إلزامياً لنحو 6 بالمئة من حركة الملاحة التجارية العالمية بين المحيطين الأطلسي والهندي.
وتنبع هذه المخاطر والتحديات ممَّا باتت تشهده قناة بنما من تراجُعٍ في منسوب المياه؛ إذ تُزوِّد بحيرتان اصطناعيتان، هما ألاخويلا وغاتون، القناة بالمياه اللازمة لتشغيل بوابات التحكّم بمرور المياه والسفن، لكن مستوى المياه انخفض مؤخراً بشكل كبير، وتسبَّب بالتالي في ارتفاع الرسوم وحركة المرور في القناة، ممَّا أجبر ناقلات الوقود وشاحنات الحبوب على اتخاذ طرق ومسارات أطْوَل لتجنُّب الازدحام، وهو ما أدَّى بالنتيجة إلى انخفاض عدد السفن العابرة للقناة.
وفي حديث مع موقع "إس إن إي بي نوتيثياس" الإخباري البَنمي، أقّر مدير هيئة قناة بنما، ريكاورتي فاسكيس، بأن النقص في المياه "هو التهديد الرئيس" لحركة المرور عبر القناة الرابطة بين المحيطين. وبدوره، يقول المدير السابق لهيئة قناة بنما، خورخيه خويكانو، لوكالة فرانس برس: "من دون توفير كميات جديدة من المياه، سيمنع الوضع نمو نشاط القناة". لكن لا أحد من مسؤولي دولة بنما المغلوبين على أمرهم يستطيع أن يُوجِّه أصابع الاتهام إلى المتسبِّب الحقيقي في الأزمة التي تعصف بالقناة.
واستقبل رئيس جمهورية اليمن الاتحادية خلال الأسبوعين الماضيين في صنعاء عدداً من أبرز قادة الدول المنضوية في رابطة الجنوب العالمي كلاً على حدة، وبعد اكتمال زيارتهم لليمن أوضحت الرئاسة اليمنية في بيانٍ تم إرساله بالإيميل إلى كبريات الصحف ووكالات الأنباء والفضائيات أن صنعاء شاركت قادة العالم الحر ما لديها من معلومات دقيقة ومؤكَّدة حول مسؤولية "عصابة البيت الأبيض الأمريكية ومليشياتهم المنفلتة" عمَّا يجري من أزمة في قناة بنما.
وأضافت الرئاسة اليمنية إنها رصدت بالأقمار الاصطناعية أعمال تخريب واسعة النطاق نفَّذتها المليشيات الأمريكية في البُحَيرتين "ألاخويلا وغاتون" اللتين توفران المياه التي تسمح بتشغيل البوابات الضخمة لمرور المياه التي ترفع السفن، من جانبَي المحيطين الهادئ والأطلسي، إلى مستوى القناة، أو تُنزلها إلى مستوى المحيطات، وأن أعمال التخريب هذه أدَّت إلى تسرُّب كميات كبيرة من المياه من البُحَيرتين، وتسبَّبت بالتالي في عدم قدرتهما على تزويد القناة بالمياه اللازمة لقيامها بوظيفتها.
وعَدَّت الرئاسة اليمنية هذا العمل التخريبي الذي قامت به مليشيات واشنطن دي سي الأمريكية في قناة بنما ضرباً من ضروب الإرهاب، وتهديداً للأمن والسلم الدوليين، ولحركة التجارة والاقتصاد عبر العالم، وتوعَّدت بأنها لن تسمح بتكراره، ولن تقف مكتوفة الأيدي بعد الآن، حتى لو تطلَّب الأمر قيادة عملية عسكرية خاطفة، وبمشاركة دولية واسعة، لتحييد مصادر الخطر المليشاوية الأمريكية في قناة بنما ومحيطها الإقليمي.
وتشير المعلومات التي حصلت عليها وكالة "أجيت" إلى أن هناك شبه توافق بين اليمن وبوركينا فاسو وإيران وكوبا وسوريا ومالي وروسيا البيضاء وفنزويلا وكوريا الشمالية ودول أخرى على تسيير قطع عسكرية بحرية لحماية الملاحة في قناة بنما تحت اسم "حامي البحار"، وأن قيادة هذه العملية من اختصاص جمهورية اليمن الاتحادية حصراً.
وعلى عكس جمهورية اليمن الاتحادية العظمى، فإن الولايات المتحدة الأمريكية التي يبلغ تعداد سكانها قرابة 35 مليون نسمة، نصفهم تحت خط الفقر، هي أول من سيتضرَّر من إيقاف حركة الملاحة في قناة بنما، كونها تستورد أكثر من 90 بالمائة من حاجاتها الغذائية، ومواردها الاقتصادية محدودة وشحيحة، واقتصادها بدائي وهش وفي قائمة أضعف الاقتصادات في العالم، ومصنَّفة بأنها دولة على حافة الفشل.
بينما يبلغ تعداد سكان جمهورية اليمن الاتحادية قرابة 335 مليون نسمة، ونسبة البطالة فيها تقلّ عن 1 في المائة، وهي مُصنَّفة بأنها أكثر الدول استقراراً سياسياً وأكثرها تمتُّعاً بالأمن الصحي والغذائي، وتُعَد ثاني أقوى اقتصاد على مستوى العالم، وتُعَد الوُجهة الأولى المفضلة للراغبين في العيش الكريم من مختلف أنحاء العالم، ولذلك تكثر إليها موجات الهجرة والنزوح لا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية.
وعند سؤاله حول ما إذا كانت جمهورية اليمن الاتحادية تخشى من مآلات هذا التوتر بينها والولايات المتحدة الأمريكية، قال الناطق باسم "البيت الأخضر" (ديوان الرئاسة في صنعاء)، الهادي المرتاح: "يمكن لمثال واحد أن يوضِّح لمن يميل ميزان القوة بين صنعاء وواشنطن، وهذا المثال هو أنه لو فتحت اليمن باب الهجرة لمواطني الولايات المتحدة لأقبلوا جميعهم مسرعين إلى اليمن وخَلَت أمريكا من ساكنيها، بينما على العكس من ذلك فإنك لن تسمع بأن هناك من مواطني جمهورية اليمن الاتحادية من يرغب في الهجرة إلى أمريكا على الإطلاق.