المناورة ضمن قواعد الاشتباك.. لماذا يرفض الحوثي إيذاء أمريكا؟!

تقارير - Saturday 10 February 2024 الساعة 09:29 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

في خطابه الأخير الى أنصاره الخميس، ركز زعيم الجماعة الحوثية جهده في خلق صورة لما يراها بأنها معركة عسكرية تدور بين مليشياته وبين أمريكا في البحر الأحمر وخليج عدن خلال الأيام الماضية.

معركة يرى فيها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، بأن مليشياته في موقف المنتصر بوجه أساطيل أمريكا وبريطانيا المنتشرة في البحر الأحمر وخليج عدن، وأنها شنت 5 عمليات ضدها خلال هذا الأسبوع "من بينها عملية كبرى قال الأمريكي إن الاشتباك استمر فيها لـ14 ساعة"، حد قوله.

زعيم الجماعة استرسل في سرد بطولات مليشياته وكيف أنها تقوم بضرب هذه الأساطيل والقطع البحرية "ثم ترد أمريكا عليها بغارات بسيطة لا تأثير لها" كما قال في خطابه، الذي سخر فيه أكثر من مرة من تأثير الضربات التي تشنها واشنطن ولندن من وقت لآخر ضد مواقع مليشياته في اليمن.

وبعيداً عن صحة مزاعم الحوثي من عدم تأثير الضربات الجوية على مليشياته، إلا أنها تظل في الأخير متناسبة كرد عسكري مع مستوى تأثير الهجمات التي تشنها مليشياته في البحر الأحمر وخليج عدن، سواء على الملاحة الدولية أو ضد القطع البحرية الأمريكية.

يدرك الحوثي أن الفعل وردة الفعل حالياً بينه وبين أمريكا وبريطانيا لا يزال محكوماً بما يُعرف بـ"قواعد الاشتباك" بين أمريكا وإسرائيل وبريطانيا من جهة وبين إيران وأذرعها في المنطقة العربية من جهة أخرى، وأن مستوى الرد الأمريكي يتناسب مع مستوى الأذى الذي يلحق بمصالحه أو بقواته من هذه الأذرع.

وهو ما أكده الرد الأمريكي في العراق وسوريا مؤخراً، على الهجوم الذي تعرضت له قاعدة لوجستية للقوات الأميركية في 28 يناير في الأردن على مقربة من الحدود مع سوريا والعراق، وأدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة نحو 40 آخرين.

واتهمت واشنطن ما يُعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي مليشيات مسلحة مدعومة من إيران، وعلى رأسها كتائب حزب الله العراقي والذي تعد أبرز مليشيات إيران بالعراق بالوقوف وراء الهجوم.

الرد الأمريكي الأولي جاء يوم السبت، باستهداف الطائرات الأمريكية 85 هدفا في العراق وفي سوريا مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وفصائله، وقتلت ما يزيد عن 20 من عناصرها.

إلا أن الرد الأبرز على هجوم الأردن من قبل واشنطن جاء مساء الأربعاء بمقتل القيادي البارز في كتائب حزب الله العراقية "أبو باقر الساعدي" بغارة أمريكية دقيقة على سيارته وسط العاصمة العراقية بغداد، في ضربة أثارت غضب مليشيات وأذرع إيران بالمنطقة التي سارعت إلى التنديد بالعملية.

اغتيال الساعدي جاء على الرغم من مسارعة كتائب حزب الله العراقية عقب هجوم الأردن إلى الإعلان عن تعليق هجماتها ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا، مبررة ذلك بـ"تجنب إحراج الحكومة العراقية في بغداد".

إلا أن ذلك لم يشفع لها تجنب اغتيال واشنطن، لأبرز قياداتها، بل أن محللين عراقيين وصفوا الرجل بأنه أهم شخصية اغتيلت في العراق منذ اغتيال أمريكا لقائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس بغارة لطائرة مُسيرة في بغداد عام 2020م.

ويعود ذلك إلى ما كشفته تقارير إعلامية لاحقاً بان "أبو باقر الساعدي" كان مسؤول وحدة الصواريخ والطائرات المسيّرة داخل "الكتائب"، بل والقائد الفعلي للميليشيا في أحيان كثيرة، كما أنه عمل حارسا شخصيا موثوقا به لمؤسس كتائب حزب الله وقوات الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس الذي قتل إلى جوار سليماني.

هذه الضربة الأمريكية الموجعة لأذرع إيران في العراق انتقاماً لمقتل جنودها، توضح طبيعة الرد الأمريكي والتعامل مع أي استهداف مباشر يمس حياة جنودها، وأن الرد والانتقام لن يكون "بغارات بسيطة لا تأثير لها" كما يقول زعيم الجماعة الحوثية في اليمن، بل برصد واستهداف قيادات المليشيات.

وهو ما يدركه عبدالملك الحوثي وجماعته جيداً، ويُفسر بشكل واضح امتناعهم عن توجيه ضربة قوية ومؤثرة نحو السفن والقواعد العسكرية الأمريكية، رغم امتلاكهم القدرة عسكرياً على فعل ذلك، من خلال مهاجمة أي قاعدة أو سفينة بعدد كبير من الصواريخ والمُسيرات تفوق قدرات الأنظمة الدفاعية.

فعسكرياً يمكن القول والجزم على قدرة الحوثي في إيذاء أمريكا بهجوم عنيف كما صنعت القاعدة في اليمن بمهاجمة البارجة الأمريكية كول في ميناء عدن عام 2000م، إلا أن ما لا يملكه الحوثي هو القدرة على تحمل تبعات وتداعيات ما لحق بالقاعدة عقب هذا الهجوم وكيف تمت ملاحقة واصطياد عناصرها وقياداتها بأقل تكلفة ودون أي خسائر من قبل أمريكا.