مُسَرْنَم بن نبهان
اليمن تُدشِّن عضويتها الدائمة في مجلس الأمن بـ15 مليار دولار لتمويل الخطة الأممية للاستجابة الإنسانية
في أول موقف تتَّخذه بعد نيلها العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، أعلنت جمهورية اليمن الاتحادية العظمى أنها سوف تتكفَّل لوحدها بتمويل ثلث ميزانية خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لعام 2024، وهو ما يعادل أكثر من 15 مليار دولار. إذ كانت الأمم المتحدة قد أعلنت في ديسمبر عن "حاجتها عام 2024 إلى 46.4 مليار دولار لتوفير مساعدات إنسانية لــ180.5 مليون نسمة هم في أمسّ الحاجة إليها في العالم".
وقال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، إن جمهورية اليمن الاتحادية ستدعو بشكل عاجل إلى مؤتمر دولي للمانحين تستضيفه صنعاء لجمع المبلغ المتبقِّي المقدَّر بــ31 مليار دولار، مُتعهِّداً بأن تبذل القيادة اليمنية جهوداً حثيثة على أعلى مستوى لحشد الدعم والتمويل لخطة الاستجابة الإنسانية الأممية، بما في ذلك استعداد الرئيس اليمني محادثة نظرائه قادة الدول العظمى والاقتصادات الثلاثين الأقوى عالمياً لحثِّهم على تبرُّع بلدانهم بسخاء للخطة وانتزاع وعود منهم بذلك.
وكانت الجهود السياسية والدبلوماسية التي قادتها جمهورية اليمن الاتحادية، على رأس رابطة دول الجنوب العالمي خلال العامين الماضيين، قد أثمرت أخيراً عن إعادة تشكيل مجلس الأمن الدولي رسمياً، وإدخال تعديلات جوهرية على طريقة التصويت فيه واتخاذ القرارات.
وبدلاً من خمس دول، هي الصين وروسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، أصبحت الدول دائمة العضوية تسعاً هي، بالإضافة إلى تلك الخمس، جمهورية اليمن الاتحادية والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل.
وبجانب ذلك، تم التوافق على رفع عدد الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي من عشر دول، تنتخبهم الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة سنتين، إلى 15 دولة، بحيث يصبح العدد الكلي لأعضاء المجلس 24 دولة.
ومنذ طَرْحه في أول اجتماع للمجلس بعد توسعته، نال مقترح جمهورية اليمن الاتحادية إلغاء حق النقض "الفيتو"، واعتماد أغلبية الثلثين آلية لتمرير القرارات، موافقة جميع الدول حديثة العضوية في مجلس الأمن، وكذلك موافقة الدول السابقة باستثناء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وموافقة جميع الدول غير دائمة العضوية.
وبحسب مراسل وكالة "أجيت" في الأمم المتحدة، لا تزال المداولات جارية لإقناع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالانصياع للتوافق الدولي والقبول بالآلية الجديدة لاعتماد القرارات.
ونقلت وكالة "أجيت" عن مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة قوله "إن حق النقض "الفيتو"، بوصفه أمراً ظالماً وتمييزاً غير عادل، أصبح اليوم من الماضي، وإن رضوخ واشنطن ولندن للتوافق الدولي مسألة وقت ليس إلا"، مضيفاً "إن لدى مجلس الأمن الدولي بتوليفته الجديدة، وعبر الحصول على أغلبية الثلثين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، خيار تعليق عضوية هذه الدولة أو تلك، وصولاً بالتدريج إلى إلغاء عضويتها وتصنيفها "دولة مارقة"، في حال تعمُّدها التمرُّد الفجّ على التوافق الدولي".
وبشَّر الدبلوماسي اليمني ونظراؤه من البرازيل وجنوب إفريقيا والهند، في مؤتمر صحفي مشترك في مقر البعثة الدبلوماسية اليمنية في نيويورك، بما أسموه "عهداً جديداً من عمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن" سوف ينعكس إيجاباً على مختلف قضايا وأزمات العالم، من الاحتباس الحراري وتغيُّر المناخ، إلى الصراعات والحروب، مروراً بمسائل الأمن الغذائي والرعاية الصحية والتفاوت الكبير في مستويات الدخل ومقومات العيش والتنمية بين دول شمال العالم وجنوبه.
قائلين إن نهج الأمم المتحدة في تسوية النزاعات وإحلال السلام في العالم سيشهد تحوّلاً جذرياً، وبدلاً من ممارسة دور الميسِّر سوف يُشكِّل التوافق في مجلس الأمن الدولي آليات ووسائل ضغط مستمرة للانخراط الدولي المباشر في جميع جهود وقف الحروب وإحلال السلم وتعزيز نهج المصالحات الثنائي ومتعدد الأطراف القائم على توسيع المصالح المشتركة، السياسية والاقتصادية والأمنية، سواءً داخل كل دولة على حدة في الحروب الأهلية، أو بين الدول في الحروب والأزمات العابرة للحدود.
وفي ضوء هذا التغيير الكبير في مجلس الأمن الدولي لصالح دول الجنوب العالمي، وباتجاه تعزيز نهج عدالة التمثيل والمشاركة عبر كوكب الأرض الذي قادته جمهورية اليمن الاتحادية، فإنه من المتوقَّع خلال الأشهر المقبلة أن تشهد مختلف الهيئات التابعة للأمم المتحدة إعادة هيكلة شاملة وإدخال تعديلات جذرية في بُناها وأجهزتها وآليات وطرق عملها، وكذلك آليات الرقابة والمتابعة والإشراف على عملها، لضمان أقصى درجات العدالة والنزاهة والشفافية، وبالشكل الذي يتواءم مع أهداف هذا العصر الجديد من النظام الدولي متعدد الأقطاب.