ما يقارب العقد من الزمن ونحن في اليمن نكتوي بنار الحرب التي تزايدت مآلاتها وكوارثها مع كل يوم يمر علينا وعلى وطننا، وبسببها توالت المآسي وانعكاساتها على الواقع وعلى معيشتنا الضنكى، وبتنا نعيش في أسوأ حال، وما زلنا نغوص في وحل من الكوارث الإنسانية بمختلف جوانبها، التي تنوء عن حملها الجبال، وحملها المواطن اليمني بروحه المنهكة وقلبه المقتول.
عقد من الزمن ولم تعد العقول إلى رشدها ويمانيتها وحكمتها التي أثبتت نيران الحرب أن اليمنيين أبعد ما يكونون إلى الرشد والعقل والحكمة.. فما زالت الفرقة تتوسع والشقاق يتمدد على أشده، والأخوة الأعداء ما زالوا بنفس درجة العداء والبغضاء، والحرائق تشتعل في أرجاء اليمن، والقتل وكتائب الجوع يحصدان الضعفاء.
عقد من الزمن ومازلنا في عنق الزجاجة، ونجهل متى سيكون الخلاص والانعتاق وما إن كنا ننتظر أن تنتهي حرب العقد من الزمن، إلا وأدخلتنا عصابة إيران أتون حرب أخرى تدور رحاها في البحر، انتقلت للبحر بعد أن دمرت البر والذين في البر، ليظل اليمني رهين الانتظار المؤلم، يتضور جوعًا وقتلًا ومرضًا بعد أن تكالبت عليه كل المآسي، وبلغت القلوب الحناجر بينما تجار الحرب في الداخل والخارج ما زالوا يستثمرون أوجاعنا لمزيد من المكاسب والمصالح النتنة.
اليمني الكادح مُحاربٌ في قوت يومه، ورغيف العيش، يحيا الذل والإهانة بأبشع صورها وما من مُجير يقيه صراخ الأمعاء الخاوية، وبكاء الأطفال ومرارة الهوان وكتائب الجوع تتناسل تماما كما كتائب الموتى.
ما زال اليمنيون يعيشون حالات مأساوية ومروّعة من التدهور والانهيار لكل مقومات الحياة، والفقر قد تدلى حتى الأرض السابعة، بينما سُلطة الداخل ممثلة بعصابة الحوثي تنعم بخيرات البلد دونما أي مبالاة لعذابات يتجرعها اليمنيون، وأيضًا سُلطة الخارج ممثلة بالحكومة المغتربة، تعيش الترف بكل أشكاله، وقد تحوّلت الحرب لأوزة تبيض لهم بيضًا من ذهب.. وما أسهل الجوع على السلطتين، وما أبشع أن تعيش في وطن تَحوَّل حكامه لوحوش سائمة لا تشبع ولا تقنع، وقد تجردوا من كل ضمير ونزاهة ووطنية وآدمية، يصرون على المراهنة على شعب تزداد فيه كتائب الأموات والجوعى، يربطون بطون الأطفال والعجائز، بينما هم وأطفالهم يعيشون رغد الحياة ونعيمها.
فأن تبني جاهك وسُلطتك على أنقاض البطون الخاوية، فهذا يعني قمة الانحطاط القيمي، في وطن لم يبقَ فيه سوى اللصوص والانتهازيين والأشد إجرامًا ودموية.
فمتى يكون الانعتاق؟!