يشكون من غياب الخدمات، يتبعه صوت المواطن التعزي يستغيث: أين الأمن؟ أين الأمان؟ أين الاستقرار؟ أين المجتمع التعزي الذي نعرفه بثقافته، بتآلفه وبتراحمه ورقيه؟
تعز تحتاج اليوم إلى "رجال دولة"، وقادة حقيقيين قادرين على إدارة شؤون مدينة ووطن، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو المناطقية..
تعز تحتاج إلى مسؤولي دولة، خطيب مسجد الدولة، عسكري الدولة، موظف الدولة، قائد دولة، دكتور دولة، ممرض دولة.. عامل دولة.. صحفي دولة، رقابة الدولة، تمويل الدولة، خدمات الدولة، ومجتمع الدولة.
تعز اليوم نموذج مصغر لليمن كدولة، فأصبح المسؤول لا يُسأل، والموظف فاسدا... والقائد لا يقود، والدكتور تاجرا، والعامل مُبندقا.. وخطيب المسجد بلا إرشاد وتوعية، والصحفي مطبلا.. والرقابة غائبة، والتمويل يذهب لأرصدة وجيوب المسؤولين، والخدمات غائبة، ومجتمع صار يتفرج ويصفق ويكتم آهاته بكل حُرقة وبؤس.
تحتاج تعز باختصار إلى رجال يكون جُل همهم هو مدينتهم، لا يحملون السلاح إلا في وجه العدو، ولا يُحاسبون إلا المخطئ.. ويكافئون المُحسن، وينصرون المظلوم، ويقفون ضد الظالم..
تعز تحتاج اليوم لمسؤولي دولة يُعيدون بيوت الناس لأصحابها، ويوفرون خدمات الدولة للمواطن، والأمن للتاجر، والاستقرار للمجتمع.
إن أسوأ ما قد يواجههُ المرء أن يكون عدوه من الداخل، وهذا بالضبط ما تقاسيه تعز، واجهت الحرب بشكل مضاعف، فالعدو من أمامها وعدو آخر، ممن هم داخلها الذين كوَّنوا معترك حرب بينهم والنتيجة أن صارت تعز حلبة صراع ومشاحنات وعداءً ظاهراً وباطناً، انعكس ذلك على كل شيء فيها: الخدمات والأمن وحال الناس وأوضاعهم المزرية، وتزايدت العصابات والبلطجة وأصبح القتل والسرقة والنهب والبلطجة والإجرام أعمالاً يتفاخرون بها في ظل عدم الأمان وبوجود سلطة محلية وأمنية وعسكرية لم تعد تفعل شيئاً إلا أنها تؤمِّن حياتها الشخصية وتزيد من أرصدتها البنكية، وصار البلاطجة وأرباب السوابق ممن كانوا في عهد الدولة قبل الحرب لا يسوون شيئًا، صاروا قادة ألوية ومديرين وناهبي أراضٍ بمرافقين مبندقين مشحوطين للركب وسيارات فارهة.
في تعز، تُركت لهم فرصة ذهبية مدتها عشر سنوات كي يثبتوا انهم "قادة وطن، ورجال دولة" لكنهم أضاعوا الفرصة وحوّلوا تعز لرماد ولمزرعة خاصة بهم.. ولو كانت هذه الفرصة بيد رجال حقيقيين لحولوا تعز خلال عشر سنوات إلى المحافظة الأكثر أمانًا كما كانت تُصنف من بين كل محافظات الجمهورية تعم فيها جميع الخدمات والأمن والأمان والمشاريع والنظافة (نظافة الشوارع ونظافة النفوس من الأحقاد والفتن والدسائس والخبث والخبائث)..
وبالتالي وبحسبة بسيطة، عشر سنوات زائد رجال عصابات النتيجة معروفة طبعًا مدينة خاربة ومدمرة وأهلها بؤساء يعيشون الألم والأنين والمعاناة والحسرة والقهر.
فاليوم وباختصار، تعز المحافظة والمدينة تحتاج إلى "رجال".. وكفى.