سمية الفقيه

سمية الفقيه

تابعنى على

تحت الأنقاض .. الحوثي يحجب الحقيقة عن صنعاء

منذ 3 ساعات و 27 دقيقة

لم تكد الطائرات الإسرائيلية تنهي جولة جديدة من الضربات على العاصمة المختطفة صنعاء حتى تحولت بعض الأحياء السكنية إلى ركام، والأسر إلى ضحايا عالقين تحت الأنقاض. لكن و بينما كانت أيادي الناس تمتد لانتشال جثث ذويهم، كانت يد مليشيا الحوثي تمتد هي الأخرى، لا لرفع الركام أو إسعاف المصابين، بل لمنع تصوير الحقيقة.

في كل قصف، يتكرّر المشهد القذر، الحوثي يمنع الناس من التصوير، يطارد الصحفيين، ويصادر الهواتف، كأن الكاميرا هي الخطر، لا الصواريخ، كأن الصورة هي العدو، لا الطائرات.  

يصرخون "الموت لإسرائيل" لكن القذائف تسقط على رؤوس اليمنيين. يرفعون رايات "المقاومة" لكنهم يختبئون في الكهوف، ويتركون الأطفال والناس كدروع بشرية يواجهون مصيرهم وحدهم، ثم يتباكون على السيادة وهم الذين باعوا اليمن في سوق الولاء لإيران.

الجريمة ليست في القصف وحده، بل في التعتيم بعده. أن تُستهدف المنازل فهذا قتل، أما أن تُمنع الحقيقة من الظهور فهذا قتل ثانٍ. الحوثي لا يكتفي بترك الدماء تسيل، بل يدفن معها الشهود. يمنع التصوير حتى لا تُفضَح كذبته المفضوحة أصلاً، يقول "الغارات فاشلة". أي فشل هذا؟ عشرات الضحايا تحت الأنقاض، بينما الحوثي لا يرى إلا في نشرات قناته شعارات النصر الوهمي.

صنعاء لم تعد بحاجة إلى عدسات، فصرخة أم تبحث عن طفلها تحت الركام أبلغ من كل نشراتهم، وأنين جريحٍ في عتمة المستشفى يكشف أكثر مما يكشفه إعلامهم المأجور. الحوثي يستطيع أن يصادر الكاميرا، لكنه لا يستطيع أن يصادر الغضب الشعبي الذي يتصاعد في كل شارع.

إننا أمام مجرمي حرب حقيقيين، ومليشيا إجرامية لا تكترث إلا بأجنداتها الطائفية، أما اليمن وشعبه، فليسوا عند الحوثيين سوى وقودٍ رخيص لحماقاتهم وإجرامهم، وأشلاء تُقدَّم قربانًا لأوهامهم ومصالح أسيادهم في طهران.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج اليمنيون إلى كسر هذا التعتيم. فالصورة ليست مجرد مشهد، إنها وثيقة للتاريخ، وإدانة لجريمة، وشهادة على أن الحوثي لا يحمي صنعاء بل يتخذها درعًا. لكنه يجهل أن منع التصوير لا يحجب الحقيقة، بل يضاعف الغضب ويكشف الوجه القبيح لمليشيا  صنعت الكارثة ثم حاولت دفنها تحت الركام.