حين نصمت هنا ونبالغ هناك، وتدفعنا العواطف إلى اتخاذ مواقف حدية دون تقديرات صحيحة، سندرك فداحة ظلم أنفسنا وإجحافنا بحق الآخرين إذا كنا متخففين من الأحقاد والعقد.
علينا إدراك مسؤوليتنا وتقييم مواقفنا تجاه القضايا والأحداث، وعدم القفز عن حقائق الواقع المغيبة عن تفكيرنا والغائبة عن وعينا، فالإنسان المنصف يستفيد دائماً من تجاربه.
تمكن مشكلة أغلبنا التوهم بأنه على حق والآخرين منحازون للباطل، ومعظمنا يتخندق بغباء وحقد في المكان الخطأ، والبعض يريد من المجتمع السير معه نحو المجهول، وكأنهم قطيع في زريبته.
تحرك الإنسان مبادئ ومصالح خاصة وحسابات قد تكون خاطئة، وقلة منهم، يدرك سلبيات المواقف المتصلبة وفداحة الكلمات المنفلتة، ويعمل على محاسبة ذاته وجبر ضرر الآخرين.
قمة الحماقة وصول إنسان إلى قناعة بخطأ موقفه وتقديراته ويتهرب من الإقرار بها ويتجنب محاسبة ذاته وتصويب الأخطاء، معتبرًا هذا الموقف جرحاً في كبريائه، وهذا يرتد عليه.
ومن تأخذهم العزة بالإثم، وتحركهم مصالح أنانية تطفح مواقفهم بالزيف والتدليس وتجذر كلماتهم المنفلتة للأحقاد والضغائن وتدفعهم إلى الانزلاق في وحل تبرير الظلم والاستبداد.
والأحمق يتوقع صمت المظلوم، ويأمن شر الضعيف ويستبعد مكر التاريخ، ولا يمكنه الاقتناع بكوارث الظلم على الفرد وبشاعة الاستبداد بحق الشعب، وحتمية زوال انتفاشة الاستقواء بالسلاح.
الإنسان الواثق بذاته غير المنخدع بانتفاشة السلاح وسطوة عصابات الأمر الواقع، يعمل على إنصاف الآخر أينما وجد وخدمة الناس بلا مَنٍّ، ويبتعد عن مرضية التخندقات الأنانية، ويتمنى الخير للجميع.
حاسب نفسك أولاً، وأدرك بأن لكل بداية نهاية وبعد كل انتفاشة تأتي انتكاسة، واليوم تتمرس في صف الظالمين، وغداً ستجد ذاتك في خندق المظلومين، ولهذا فلا داعيَ للحمق والغطرسة.