الحرب ليست نزهة، بل أم الكوارث بالنسبة للشعب، على المدى القريب والبعيد، وهذا ما تثبته ويلات حرب اليمن.
بعيداً عن حيثيات اندلاع الحرب، فالعجز العسكري سيد الموقف، ولا حلول سياسية تلوح بالأفق؛ بسبب إصرار تجارها على إطالة أمدها دون اكتراث بمصير البلد وحياة الشعب.
لا منتصر في الحرب، وأصبح البلد ساحة تصفية الحسابات الإقليمية، وخلّف آلاف الضحايا، وملايين الجائعين والمشردين، وغدت الحياة جحيماً لا يطاق.
انهارت العملة اليمنية، وقيمة الدولار اليوم بـ 572 ريالاً يمنياً، ما يعني تزايد أسعار المواد الغذائية إلى الضعف، وهذا يدفعنا للكفاح الذاتي من أجل البقاء قيد الحياة.
الحرب ليست نزهة، بل أهلكتنا مادياً، ودمرتنا نفسياً، وبددت أحلامنا، ولجأ أكثرنا للبحث عن مصادر دخل مؤقتة تبقيهم قيد الحياة دون أي تفريط بحريتهم وكرامتهم.
يقال "أكثروا المهن تنجوا من الفقر"، ولهذا يعمل مئات الأصدقاء في مهن جديدة، فالجوع كافر، والنجاة منه كان بتأمين مصادر دخل غير ملوثة بالخيانات وملطخة بالدماء.
إذا كانت الحرب موسماً للإثراء غير المشروع للنخب الانتهازية، فليس أمام النخب النظيفة غير مواصلة الكفاح اليومي بعيداً عن ضجيج طواحين السياسة المرتهنة لتجار الدماء والمآسي.
ومع ذلك، تعيب النخبة المستفيدة من الحرب على النخب النظيفة العمل في مهن حرة، ويعتبر بعضهم النأي بالنفس خيانة لحلم الشعب في أحلك مراحل المواجهة المفترضة مع أعداء الحياة.
هكذا يتحدثون من أبراجهم العاجية بلا خجل، ولا يريد أكثرهم إدراك دوافع رفاقهم وزملائهم للصمت، والعزوف عن الشأن العام، والاهتمام بالشأن الخاص، والغريب من يعرف ويشكك وأحياناً يسخر..!!