على أعتاب عام دراسي جديد؛ من بقي من أطفال اليمن في أمان يحدقون اليوم في وجوه آبائهم وأمهاتهم.
وماذا سيقول أبوان لأطفالهما في وضع كهذا؟ كيف سيذهبون إلى المدرسة في ظروف بالغة القسوة كالتي نعيشها اليوم؟
يحتاج الطفل الواحد تجهيزات لا تقل عن عشرة آلاف ريال كحد أدنى لمتوسط كلفة زي مدرسي وحقيبة وقرطاسية فقط.
تلك أساسيات لابد منها قبل الذهاب إلى المدرسة، أضف إليها رسوم القيد في المدرسة التي تصل في بعض المدارس الحكومية ما بين ألفين إلى خمسة آلاف ريال.
إضافة إلى سبعة آلاف ريال في الشهر قيمة وجبة إفطار يومي للطفل الواحد بمتوسط مائتين ريال في اليوم تقريباً.
بمعنى أن تكلفة ذهاب طفل واحد من الأسرة في الشهر الأول قرابة عشرين ألف ريال يمني فكيف الحال بمن لديه خمسة أطفال؟
إن انعدام تدخلات ناجعة وفورية لضمان حصول كل طفل على حقه في التعليم الأساسي يمثل لعنة تاريخية في وجوهنا جميعاً، وفي المقدمة من ذلك حكومة عدن وسلطة الأمر الواقع في صنعاء والقوى الدولية والإقليمية الداعمة لهذا وذاك.
منظمة سياج لحماية الطفولة تنادي منذ أربع سنوات إلى إنقاذ التعليم في اليمن باعتبار ذلك جسر الحماية الحقيقية للمستقبل والضمانة الأكيدة لتقليل حجم المخاطر الأمنية والفكرية التي تهدد حاضر ومستقبل اليمن والجزيرة العربية والمصالح الدولية ذات الصلة إجمالاً.. لكن، إذا قضت مشيئة الله أمرا يسلب أهل العقول عقولهم؛ عندها ليس عليك سوى انتظار قضاء الله فقط، وهذا ما نلمسه من مواقف وتصرفات القوى المسيطرة على الأرض والقوى الداعمة لها. الكل غير مكترث بما سيترتب على كارثة انهيار التعليم الذي عمليا لم يتبق منه في أكثر المناطق سوى الاسم في شهادات كرتونية بلا مضمون.
من الجيد الاهتمام بغذاء ودواء الإنسان باعتبارهما عنصري البقاء والنماء للفرد.. لكن في المقابل يجب الاهتمام بعقل الإنسان الذي هو عنصر البقاء والنماء والنجاة للفرد والمجتمع المحيط به؛ وإذا لم يتم إنقاذ الإنسان، جسداً وعقلاً، فلا فائدة من كل الجهد الذي نعمله وسيتحول التعليم في اليمن من كابوس يؤرق الأسر إلى كارثة أمنية واقتصادية وثقافية واجتماعية لن ينجو منها أحد.
وهنا يتوجب دعوة وزارة التربية والتعليم، نقابة المعلمين، والمنظمات الوطنية والدولية المتخصصة في التعليم إلى إعلان حالة طوارئ قصوى، ووضع وتنفيذ حزمة تدخلات عملية وحقيقية لتفادي كارثة التعليم الأساسي في اليمن.