لو تم استثمار مساحات أغلب المساجد بهذه الطريقة التي في الصورة أو مشابهة لها؛ بحيث يكون المبنى أساساً لخدمة الناس صحياً أو تعليمياً أو لتأهيل اقتصادي؛ ويكون ملحقاً به مسجد صغير لأداء الفريضة للعاملين والمستفيدين وباقي سكان الحي. لو تم ذلك لكان وضعنا أفضل بكثير.
بيوت الله هي بطون الجائعين والكرامة المهدورة بسبب لقمة العيش والأوجاع والأسقام التي تقض مضاجع المرضى وذويهم المعدمين، فابحثوا عن الله فيها لا في المساجد المزخرفة وما يتبعها من أوقاف منهوبة ومساحات وإمكانات مبددة لا يستفيد منها عباد الله في شيء.
نلاحظ أن الكثير من المساجد لا يؤمها في اليوم سوى 5% من طاقتها الاستيعابية من المصلين طبقاً لمساحاتها ذات السعة المبالغ فيها غالباً.
نحن نعاني كمجتمع عربي من التشوهات التي أحدثها رجال الدين في الوعي المجتمعي من خلال الوعظ القائم على العاطفة، والذي لا يقرأ الواقع وحاجة الناس وينطلق منها.
فكثير من المتبرعين لديهم أنانية مفرطة نتيجة الترغيب في الآخرة من قبل الواعظين دون رؤية حيث يتمتع صاحب المال بماله في حياته فإذا دنا الأجل أوصى ببناء مسجد غالباً.
وقد يكون في منطقة البناء أكثر من مسجد في حين أن الحاجة ملحة لدى الناس إلى شربة ماء نظيفة أو فصل دراسي لأطفالهم أو مصحة صغيرة ربما تنقذ الكثير من المواليد والأمهات من الموت بسبب انعدام الخدمات في مناطقهم.
نحن لا نعاني من الهدر وسوء التخطيط فقط. ولكن نعاني أيضا من الأنانية حتى في الأجر للآخرة. يحرص التاجر أو المتبرع على الاستمتاع بالمال في حياته وبعد مماته ولا يفكر أغلبهم في احتياج الناس الآخرين. أهم شيء أن يتبرع في شيء ورد فيه حديث أو آية كريمة تنص على الأجر بشكل صريح ليضمن عائداً يحقق له مصلحة شخصية حتى وهو ميت.
نحن بحاجة لرفع وعي رجال الأعمال والميسورين إلى الأولويات الملحة والضرورية والمتمثلة في المسؤولية الاجتماعية التي تستجيب لخدمة المجتمع. ولو حققنا نسبة معقولة في هذا الجانب فسوف نقضي على الكثير من الجهل والفقر والمرض.
هذا المستشفى خاص يقدم خدماته لآلاف المرضى والمصابين من الحرب والأوبئة سنوياً. مكون من أربعة طوابق لمداواة الناس وإنقاذ أرواحهم المقدسة عندالله أكثر من قداسة الكعبة ذاتها. بينما خصصت مساحة صغيرة في محيطه للصلاة، وهذا كافٍ ويسد الاحتياج.
هذا يمثل أنموذجاً للاتزان في التخطيط وتقديم الأولويات، فصلاة الجماعة سنة بينما إنقاذ حياة الإنسان وتخفيف آلامه واجب في كل الشرائع والملل.