نظَّم هندوسيون مهرجاناً كبيراً في نيودلهي لتناول مشروب مضاد لفيروس كورونا.. وكان ذلك المشروب مغذياً ولذيذاً.. إنه بول البقر الذي قالوا إنه يضمن الشفاء من الأمراض والأسقام، ومن شرب منه كأساً دفع عن نفسه أي هجوم يمكن أن يُقْدِم عليه فيروس كورونا، أو كوفيد19.. وقد تناول قادة كبار من حزبي الاتحاد وبهاراتيا جاناتا الهندوسيين البول أمام الجمهور لتحفيزه على شُربه.هذا السلوك يسخر منه رجال العلم المعتكفون في المختبرات من أجل ابتكار علاج للفيروس، ولهم الحق في السخرية؛ لأنّ البول لا يمكن أن يكون علاجاً.. أما أن يسخر مسلمون من هذه الخرافة البقرية المعاصرة، فليس لهم الحق في ذلك ما داموا يقدّسون الإبل، كما يقدس أتباع الديانة الهندوسية البقرة التي طالما اعتبرها المكافح الهندي موهانداس كرمشاند، المعروف بالمهاتما غاندي أم ملايين الهنود، وقال إنها أفضل من الأم التي ولدتنا!نسخر من هذه الخرافة الدينية، ونحن نعرف مكانة الإبل عند العرب قبل الإسلام وبعده.. عرب قبل الإسلام أنشدوا في الإبل أجود وأبلغ أشعارهم، وأطلقوا على مجموعة أبيات الشعر الجزلة الغنية بالمعاني اسم قصيدة، والقصيدة في الأصل اسم الناقة السّمينة أو كثيرة اللحم، ونسبوا الحرب التي جرت بين قبيلتي تغلب وربيعة -وهي أشهر وأطول الحروب وأوجعها- إلى ناقة البسوس.. ولما دخل العرب في الإسلام أخذوا هذا التراث معهم وضموه لدينهم، ومضوا به إلى الأمام.. فالإبل عند المسلمين كائنات محترمة وتكاد تقدَّس، مع اختلاف في مستوى التقديس.. فإذا كان الهندوس يدللون البقر، ولا يذبحونها، ويذبحون عشرين مسلماً كلما أغاظهم متعصب مسلم بسلخ بقرة أمام عيونهم، وإذا كان الهندوس لا يأكلون لحومها، ويكتفون بشرب أبوالها لمداواة الأسقام والحماية من فيروس كورونا، فالمسلمون يسابقون بالإبل لنيل الجوائز، وينحرونها، ويأكلون لحومها، ويدونون أنسابها، ويتوهمون أن أبوالها علاج فعّال للأمراض التي زعموا أن الطب الحديث عجز عن معالجتها!لا ندري كيف بدأت قصة الهندوس مع البقرة المقدسة التي شربوا أبوالها للوقاية من فيروس كورونا، في المهرجان الذي نظموه منتصف هذا الشهر في العاصمة الهندية، أما المسلمون فحكايتهم مع بول الإبل معروفة، بداية من تراث ما قبل القرآن الذي ألمحنا إليه قبل قليل.. كما أن في القرآن آية تقول: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}.. وفي كتاب البخاري الجامع، حديث يتعلق ببول الإبل وحليبها.. يقول القرآن للمسلمين تأملوا في خلق الإبل للعبرة، فراحوا يشربون أبوالها، ويقول لهم البخاري إن أعراباً مرضوا فأوصاهم الرسول محمد، عليه السلام، بالتوجه إلى البادية ويشربون حليب إبل وبولها، ففعلوا، ثم بعد تعافيهم قتلوا الراعي وأودوا بإبله، وفي خاتمة المطاف ارتدوا عن الإسلام.. هذا الحديث ما يزال ساري المفعول إلى اليوم، على الرغم من أن بول الحيوان -حتى لو كان مهاء أو غزالاً- تعافه النَّفس السَّوية، ويتأفف منه صاحب الذوق السليم.. وقد خصَّص هذا العموم بعض القدامى والمتأخرين، فقال قائل إن أنفع الأبوال بول الجمل الأعرابي، الذي يسمى النجيب، وقال شيوخ آخرون إن أفضل أبوال الإبل هو بول الناقة البكر، والمسلم مدمن على تعاطي كل كائن بكر وصغير وطري، حيث يتزوج ابن الثمانين بنت ثمان ولا يشعر بأي حرج ديني أو إنساني.مثل بول البقرة المقدسة الذي شربه الهندوس للحماية من كورونا، والشفاء من الأوجاع والأسقام، كذلك هو بول الإبل أيضاً.. إنه -حسب قول الشيوخ البوالين- يبيد الجراثيم، ويحمي من كورونا والسرطان، ويصلح البثور، ويزيل الدمامل، ويقضي على وجع الأسنان قضاءً مبرماً، كما أنه يزيل أوجاع القلوب، ويرمِّم الأكباد الموجوعة، ويطوّل شعر الرأس، ويخلصكِ سيدتي من القشرة التي لا يقدر عليها أجود وأغلى شامبو يمكن صناعته من نباتات جبال الهيمالايا.ودعكم من طريقة الهندوس في شرب بول البقر، فهم يسكبونه في كؤوس أنيقة ثم يتجرعونه في الهواء الطلق، وما عليكم يا إخوان سوى فتح أفواهكم لمؤخرة الناقة، واشربوا مشروبكم طازجاً.. وأيضاً دعكم من الطبيب الذي يقول لكم حبة قبل الأكل، ملعقة بعد الأكل، ثلاث مرات في اليوم لمدة شهر مثلاً، واتبعوا الوصفة الخاصة بشيوخ بول الإبل.. بولة واحدة كل يوم، مدة شهرين اثنين، وبالهنا والشفاء!
نظَّم هندوسيون مهرجاناً كبيراً في نيودلهي لتناول مشروب مضاد لفيروس كورونا.. وكان ذلك المشروب مغذياً ولذيذاً.. إنه بول البقر الذي قالوا إنه يضمن الشفاء من الأمراض والأسقام، ومن شرب منه كأساً دفع عن نفسه أي هجوم يمكن أن يُقْدِم عليه فيروس كورونا، أو كوفيد19.. وقد تناول قادة كبار من حزبي الاتحاد وبهاراتيا جاناتا الهندوسيين البول أمام الجمهور لتحفيزه على شُربه.
هذا السلوك يسخر منه رجال العلم المعتكفون في المختبرات من أجل ابتكار علاج للفيروس، ولهم الحق في السخرية؛ لأنّ البول لا يمكن أن يكون علاجاً.. أما أن يسخر مسلمون من هذه الخرافة البقرية المعاصرة، فليس لهم الحق في ذلك ما داموا يقدّسون الإبل، كما يقدس أتباع الديانة الهندوسية البقرة التي طالما اعتبرها المكافح الهندي موهانداس كرمشاند، المعروف بالمهاتما غاندي أم ملايين الهنود، وقال إنها أفضل من الأم التي ولدتنا!
نسخر من هذه الخرافة الدينية، ونحن نعرف مكانة الإبل عند العرب قبل الإسلام وبعده.. عرب قبل الإسلام أنشدوا في الإبل أجود وأبلغ أشعارهم، وأطلقوا على مجموعة أبيات الشعر الجزلة الغنية بالمعاني اسم قصيدة، والقصيدة في الأصل اسم الناقة السّمينة أو كثيرة اللحم، ونسبوا الحرب التي جرت بين قبيلتي تغلب وربيعة -وهي أشهر وأطول الحروب وأوجعها- إلى ناقة البسوس.. ولما دخل العرب في الإسلام أخذوا هذا التراث معهم وضموه لدينهم، ومضوا به إلى الأمام.. فالإبل عند المسلمين كائنات محترمة وتكاد تقدَّس، مع اختلاف في مستوى التقديس.. فإذا كان الهندوس يدللون البقر، ولا يذبحونها، ويذبحون عشرين مسلماً كلما أغاظهم متعصب مسلم بسلخ بقرة أمام عيونهم، وإذا كان الهندوس لا يأكلون لحومها، ويكتفون بشرب أبوالها لمداواة الأسقام والحماية من فيروس كورونا، فالمسلمون يسابقون بالإبل لنيل الجوائز، وينحرونها، ويأكلون لحومها، ويدونون أنسابها، ويتوهمون أن أبوالها علاج فعّال للأمراض التي زعموا أن الطب الحديث عجز عن معالجتها!
لا ندري كيف بدأت قصة الهندوس مع البقرة المقدسة التي شربوا أبوالها للوقاية من فيروس كورونا، في المهرجان الذي نظموه منتصف هذا الشهر في العاصمة الهندية، أما المسلمون فحكايتهم مع بول الإبل معروفة، بداية من تراث ما قبل القرآن الذي ألمحنا إليه قبل قليل.. كما أن في القرآن آية تقول: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}.. وفي كتاب البخاري الجامع، حديث يتعلق ببول الإبل وحليبها.. يقول القرآن للمسلمين تأملوا في خلق الإبل للعبرة، فراحوا يشربون أبوالها، ويقول لهم البخاري إن أعراباً مرضوا فأوصاهم الرسول محمد، عليه السلام، بالتوجه إلى البادية ويشربون حليب إبل وبولها، ففعلوا، ثم بعد تعافيهم قتلوا الراعي وأودوا بإبله، وفي خاتمة المطاف ارتدوا عن الإسلام.. هذا الحديث ما يزال ساري المفعول إلى اليوم، على الرغم من أن بول الحيوان -حتى لو كان مهاء أو غزالاً- تعافه النَّفس السَّوية، ويتأفف منه صاحب الذوق السليم.. وقد خصَّص هذا العموم بعض القدامى والمتأخرين، فقال قائل إن أنفع الأبوال بول الجمل الأعرابي، الذي يسمى النجيب، وقال شيوخ آخرون إن أفضل أبوال الإبل هو بول الناقة البكر، والمسلم مدمن على تعاطي كل كائن بكر وصغير وطري، حيث يتزوج ابن الثمانين بنت ثمان ولا يشعر بأي حرج ديني أو إنساني.
مثل بول البقرة المقدسة الذي شربه الهندوس للحماية من كورونا، والشفاء من الأوجاع والأسقام، كذلك هو بول الإبل أيضاً.. إنه -حسب قول الشيوخ البوالين- يبيد الجراثيم، ويحمي من كورونا والسرطان، ويصلح البثور، ويزيل الدمامل، ويقضي على وجع الأسنان قضاءً مبرماً، كما أنه يزيل أوجاع القلوب، ويرمِّم الأكباد الموجوعة، ويطوّل شعر الرأس، ويخلصكِ سيدتي من القشرة التي لا يقدر عليها أجود وأغلى شامبو يمكن صناعته من نباتات جبال الهيمالايا.
ودعكم من طريقة الهندوس في شرب بول البقر، فهم يسكبونه في كؤوس أنيقة ثم يتجرعونه في الهواء الطلق، وما عليكم يا إخوان سوى فتح أفواهكم لمؤخرة الناقة، واشربوا مشروبكم طازجاً.. وأيضاً دعكم من الطبيب الذي يقول لكم حبة قبل الأكل، ملعقة بعد الأكل، ثلاث مرات في اليوم لمدة شهر مثلاً، واتبعوا الوصفة الخاصة بشيوخ بول الإبل.. بولة واحدة كل يوم، مدة شهرين اثنين، وبالهنا والشفاء!