أسندت إلى إحدى أربعين منظمة غير حكومية تنفيذ مشاريع صحية في محافظة تعز، وبعض مديريات محافظتي عدن ولحج خلال العامين 2019 و2020.. خصص لهذه المشاريع من منح المانحين مبلغ وقدره سبعة وعشرين مليون دولار أميركي، وخمس مائة ألف دولار (حوالي 23 مليار ريال يمني بسعر الصرف حينها).
هذا أمر جيد يريك أن الشرعية تمام، وأن الحكومة والسلطات المحلية الشرعية تهتم بصحة المواطنين، وخاصة في تعز التي باتت اليوم في صدارة المحافظات التي يعصف بها فايروس كورونا.. وكان يفتقر القطاع الصحي فيها للأموال، من أجل شراء المستلزمات الطبية والأدوية، ومن أجل دفع مكافآت تحفيزية للأطباء والعاملين الصحيين الذين لا تدفع الشرعية مرتباتهم الشهرية مثلهم مثل غيرهم من الموظفين العموميين في عموم البلاد.
أتريدون معرفة الأثر المتولد عن إنفاق 23 مليار دولار؟ ها كم:
لقد أُنفق جزء من هذا المبلغ في تنظيم دورات تدريبية.. دورات تدريبية لأفراد اختارهم مكتب الصحة.. كان موضوع التدريب هو كيفية حل النزاعات المسلحة في المجتمعات المحلية!
وهذا هو المشروع الصحي الناجح جدا.. القطاع الصحي معتل، والناس مرضى، ومن أجل ذلك تم انفاق جزء من المبلغ من أجل تدريب العاملين الصحيين على الكيفية التي يجب عليهم أتباعها عندما يشرعون في حل النزاعات في المجتمعات المحلية، التي يوجدون فيها.. أو تلك التي سوف ينتقلون إليها بعد اتمام عملية التدريب على حل المنازعات المسلحة!
ذكر مركز الإعلام الحر في تعز -نقلا عن تقرير حكومي- أن مشاريع نفذت دون إشراف المكاتب التنفيذية المعنية في محافظة تعز.. نفذت في غيبة مكتب وزارة الصحة وغيبة مكتب وزارة التخطيط.
إن أمارة تنفيذ تلك المشاريع هي أن كلفتها قد صرفت.. صرفت الدولارات واستلمتها المنظمات المنفذة، إذن الأمور تمام، وانتهى الأمر.. ليس مهما أن يكون للمشاريع أثر في الواقع، لذلك أطلق عليها المركز وصف مشاريع وهمية! وهو وصف دقيق لأن الناس لم يروها على الأرض.
مثلا: لم ير المواطنون في مديرية الشمايتين، ومديرية المواسط، ومديرية المخا، والمديريات الست في عدن ولحج أي وجود أو أثر للمشروع الكبير (صحتي أولاً) الذي كان يتعين أن ينفذ في مديرياتهم، لكن كلفة مشروع (صحتي أولا)، وهي 14 مليون دولار، قد صرفت.. وما دام صرفت انتهى الأمر إذن.
27 مليون دولار أميركي ونصف مليون دولار، تبخرت في سماء تعز وما جاورها.. وقبل أيام قلائل ذهب أحد الباحثين يستطلع آراء رجال ونساء السلطة المحلية في إحدى محافظات الشرعية، فعاد مذهولا بالتسيب والإهمال الذي شاهده هناك، حيث لا سلطة محلية ولا أثر للشرعية، رجع ذلك الباحث موجوعا في رأسه بما استمع عن الفساد.. أكد له مسئولون هناك أن رئيس الحكومة صرف مليار ريال لمشاريع خدمية لسكان عاصمة المحافظة، لكن المليار كان من نصيب المحافظ وحده لا شريك له.. وقس حالة كل محافظة شرعية، كل وزارة شرعية، كل هيئة عامة شرعية، على الحالتين السابقتين.. وستكتشف أنها مثل الشرعية لا تزيد عنها ولا تنقص.. الشرعية عينت هبارين هباشين، ينهبون على عجل.. فيسع فيسع، إذ يخشون قرب نهاية الحرب، ونهاية الشرعية.