د. صادق القاضي
عندما تراهن "الشيزوفرينيا" على "الزهايمر"
خلال عهدها الفنتازي القصير. في مصر، قامت "جماعة الإخوان" بتعيين شخص إرهابي -متورط بقتل السيّاح ومسجل خطر- مسئولاً على أهم المحافظات السياحية.
كذلك في اليمن، قام فرع هذه الجماعة الدولية بعد استحواذه على السلطة إثر اضطرابات 2011 بتعيين شخص إرهابي -فقد إحدى ذراعيه وهو يضع عبوة ناسفة في فندق عدن- مسئولا على أمن حضرموت.!
إن لم تكن مِن مَن يتذكر مثل هذه التفاصيل الصغيرة للتجارب الإخوانية الدولية المتجانسة.. فأنت مِن مَن تراهن عليه هذه الجماعة في العودة، وتكرار فصول الكوميديا السوداء من جديد.
بات من المعروف والموثق أكثر مما ينبغي أن هذه الجماعة. بكل فصائلها. تعاني من انفصام حاد وشيزوفرينيا متقدمة.. في عمق منظومتها الفكرية والسلوكية والأخلاقية.
خلال الموسم الثوري لما سُمي بـ"الربيع العربي"، جمّدت هذه الجماعة البراجماتية، بكل فروعها، شعاراتها الشمولية الخاصة، ورفعت المطالب التقدمية المدنية للشارع العربي كسلم انتهازي للوصول إلى السلطة.
لكن. لأن الطبع يغلب التطبع. سرعان ما "عادت حليمة إلى عادتها القديمة".. لتقدم في مصر وليبيا واليمن.. تجارب كارثية تكفي -في الوضع الطبيعي- لإدانتها لألف سنة قادمة.
باتت مكشوفة حتى العظم، ومع ذلك. هي الآن تلعب دور الضحية في مصر، ودور المحصنات الغافلات في اليمن. في محاولات بائسة للعودة من جديد. هذه الجماعة المصابة بالشيزوفرينيا تراهن على الجماهير المصابة بالزهايمر.
سجلها الأسود في اليمن يمتد لعقود طويلة ماضية. كانت خلالها أبرز مكونات وأعمدة النظام القديم، كجماعة دينية وحزب سياسي، وكقبائل سياسية، وكجنرالات في الجيش..
فجأة.. نسى الشارع اليمني أو تناسى كل ذلك، وسلم لها زمام قيادة ما سمي "ثورة" 2011، المطالبة بتغيير نظام كانت هي نفسها الجانب الأسوأ منه، وأهم أسباب قصوره وضعفه وفشله.
لذلك. كان من المحتم. أن تفشل هذه الثورة، وأكثر من ذلك أن تجلب الكثير من الكوارث على الشعب، بالشكل الذي جر الحلم اليمني إلى أحد أردأ وأسوأ هاوية للكوابيس.
في كل حال. بتنا نعرف الآن أن من أهم المنجزات الثورية لـ"إخوان اليمن". هي:
- اكتشاف لقب "عفاش".
- عسكرة الثورة السلمية.
- قبيَلة الثورة المدنية.
- أسلَمة الثورة اليسارية.
- عجوَزة الثورة الشبابية.
- شخصنة الثورة الحقوقية.
ومن أهم منجزاتهم أيضاً:
- اختزال شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" إلى "الشعب يريد إسقاط الرئيس".
- بناء جدار الفصل العنصري بين الجنسين في الساحات الثورية.
- تحويل الثورة إلى أزمة، والأزمة إلى حرب، والحرب إلى خنادق طائفية ومناطقية.
في المحصلة. تدمر كل شيء تقريباً. دفع الجميع الثمن، حتى الإخوان أنفسهم. الشعب اليمني كله دفع ضريبة أن جزءا كبيراً منه لديه ذاكرة ضعيفة للغاية كذاكرة الذباب.
للنسيان عواقب وخيمة، كذلك للتناسي المتعمد، كما في حالة اليسار اليمني. يملك هؤلاء ذاكرة قوية، لكنهم جمدوها لحسابات سياسية لا تخلو من اللؤم، وسلموا رؤوسهم لجماعة كانت أكبر إنجازاتها على الإطلاق:
غسل دماغ اليسار اليمني، وسلخه من يساريته، وعزله عن توجهاته وقضاياه، وتحويله إلى جوقة للخطاب والقضايا الإخوانية.
ما هي "الجيفة" التي لم يمر عليها "اليسار اليمني" خلال سيره مستدلاً بغراب الإخوان؟:
- المناطقية: وقد قسموا اليمن إلى أهل الهضبة وأهل السواد.
- السلالية: وهم ينادون بطرد كل يمني لا ينحدر من عرق عبهلة الحبشي.
- الكهنوتية: وقد سبقوا السلف الصالح بالدعوة لأسلمة الدستور.
- الطائفية: وقد رفعوا قبل غيرهم شعار "لا زيود بعد اليوم".
القبيَلة: وهم يعتبرون الشيخ حميد الأحمر، قائد الثورة المدنية.
البداوة: وبدو مأرب يتجاوزونهم رقيا في ممارسة الحرب والسياسة.