قتلى ومختطفين.. ذراع إيران تأجج اقتتال قبائل أرحب وتعرقل مساعٍ التهدئة

الحوثي تحت المجهر - منذ 3 ساعات و 23 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن:

تتصاعد المؤشرات على دور ميليشيا الحوثي في تأجيج النزاعات القبلية وإطالة أمدها، إذ تحولت مديريات ريف صنعاء وشمالها إلى بؤر صراع دموي تهدد السلم الاجتماعي، فيما تواصل قيادات ميليشيا الحوثي عرقلة كل مساعٍ للتهدئة أو الوساطة. 

ويؤكد مراقبون أن هذه السياسة المتعمدة تمنح الجماعة المتطرفة هامشًا أوسع للهيمنة على القبائل، وتفكيك أي اصطفاف يمكن أن يحد من نفوذها.

وقتل ما لا يقل عن ثمانية أشخاص، بينهم امرأة، في اشتباكات عنيفة اندلعت بين قبيلتي حبار وبيت بعيس في مديرية أرحب، شمال شرقي صنعاء، خلال اليومين الماضيين. وأفادت مصادر محلية بأن الطرفين تبادلا إطلاق النار بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة لساعات طويلة، ما أدى أيضًا إلى سقوط عدد كبير من الجرحى لم يُعرف عددهم بدقة.

وأضافت المصادر أن نحو 20 شخصًا من القبيلتين لا يزالون محتجزين لدى الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الحوثيين، التي لم تتخذ أي خطوات عملية لوقف الاقتتال أو التوسط لاحتواء الموقف. ويعود أصل النزاع إلى خلافات قديمة لجأ خلالها مشايخ القبيلتين إلى تحكيم الشيخ القبلي ومراغة بكيل، عبدالله عبدالعزيز الدباء، بمشاركة وسطاء من جماعة الحوثي نفسها، غير أن تلك المساعي تعثرت، لتتجدد الاشتباكات بصورة أشد دموية.

في خضم هذه الأحداث، وجه الناشط الحوثي طه الرزامي اتهامات مباشرة لقيادات بارزة في الجماعة، بينهم محمد علي الحوثي وأبو علي الحاكم وضيف الله رسام، بالوقوف موقف المتفرج أمام نزيف الدم في أرحب. 

وقال في سلسلة منشورات على "فيسبوك" إن تلك القيادات تحضر فقط "لالتقاط الصور" عند الإعلان عن إنهاء قضايا ثأر قبلي، دون أن يكون لها أي دور فعلي، مضيفًا: "سبعة رجال وامرأة قُتلوا، وعشرون رهينة من الطرفين في قبضة الدولة، ونزيف الدم مستمر".

الرزامي تساءل عن الجهة التي تعرقل تنفيذ حكم سابق أصدره الشيخ الدباء بين القبيلتين، منتقدًا في الوقت ذاته القيادي الحوثي عبدالباسط الهادي، المعين محافظًا لصنعاء، قائلاً إنه يبحث عن "المديريات الدسمة والإيرادات" دون أن يقدم أي مبادرة لإنهاء القتال.

وبحسب مصادر محلية أن ميليشيا الحوثي توظف الخلافات القبلية كسلاح لإضعاف النسيج الاجتماعي وضمان السيطرة، حيث تعمل على تغذية الصراع بين قبائل أرحب بهدف إشعال حروب داخلية تبقي تلك القبائل في حالة استنزاف دائم. 

وجاءت الاشتباكات عقب أسابيع من إعلان قبلية أرحب "النكف القبلي" ضد ميليشيا الحوثي التي تختطف عدد من أبناء القبيلة، الأمر الذي دفع بالميليشيات لإحياء خلافات قديمة داخل القبيلة لتفكيكها وإضعافها.

ولم يقتصر إشعال الفتن على صنعاء فحسب، بل امتد إلى محافظة عمران شمال البلاد. فقد اندلعت مؤخرًا مواجهات عنيفة بين قبيلتي ذو صباري التابعة لسفيان (إحدى بطون بكيل) وذو خيران التابعة للعصيمات (أحد بطون حاشد) في بلدة "السواد" الحدودية، إثر نزاع قديم على أراضٍ ومواقع قبلية.

وأكدت مصادر محلية أن الحوثيين لعبوا دورًا أساسيًا في تفجير هذا الصراع مجددًا، مستخدمين سياسة "فرّق تسد" عبر تحريض متبادل وتوفير السلاح، ما أدى إلى اشتباكات استخدمت فيها أسلحة متوسطة وثقيلة، وأعادت المنطقة إلى أجواء حرب قبلية مدمرة.

وتؤكد هذه الوقائع، وفق مصادر قبلية أن ميليشيا الحوثي لا تكتفي بترك النزاعات القبلية من دون حل، بل تعمل على عرقلتها عمدًا عبر إطالة أمد الوساطات، وحرمان القبائل من الوصول إلى اتفاقات صلح حقيقية. الهدف، وأضافت المصادر أن المخطط الحوثي هو إبقاء القبائل في حالة ضعف وتشتت، بما يضمن عدم توحدها ضد سلطة الحوثيين، ويُبقي الجماعة صاحبة اليد العليا عسكريًا وسياسيًا.

وما يحدث في أرحب وعمران يمثل حلقة في استراتيجية حوثية أوسع تسعى لإعادة اليمن إلى مربع الصراعات القبلية المتواصلة، بما يهدد السلم الأهلي، ويضاعف من معاناة المدنيين، ويؤكد فشل الجماعة في إدارة شؤون المناطق التي تسيطر عليها.