بين انتظار الحكومي وابتزاز الخاص.. مرضى الفشل الكلوي يرقبون الموت

تقارير - Wednesday 16 September 2020 الساعة 11:55 am
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

يعيش ملايين اليمنيين ظروفاً صحية سيئة، ولعل الأشخاص المصابين بالفشل الكلوي هم من أكثر اليمنيين معاناة نتيجة تدهور القطاع الصحي في البلاد بسبب النزاع الحالي. حيث يعتمد بقاؤهم على قيد الحياة على قدرتهم بالوصول إلى مراكز غسيل الكلى التي تضرر عدد منها نتيجة النزاع الدائر حاليًا في البلاد.

لم يعد أمام علي حميد، سوى اللجوء إلى غسل الكلى بعد أن فقد الأمل بأيِّ علاج يمكن أن يخلّصه من حصوات الكُلى التي عكرت صفو حياته بألمها الفظيع وعدم جدوى التفتيت ونظراً لتفاقم حالته الصحية وصل لمرحلة الفشل الكلوي.

في الأيام الأولى التي قرر فيها الطبيب إحالته إلى الغسل، كانت بين يوم وآخر، وفيما بعد مرتين في الأسبوع، أملاً في تحسن ولو طفيف، بعمل منتظم للكلى الوحيدة الصالحة للعمل بنسبة 30% فقط، وبحسب مختصين، أنّ الغسيل الكلوي يعمل على إزالة الفضلات والسوائل التي لم تعد الكلى قادرة على إزالتها من الجسم. 

واجه علي حميد مشكلة في توافر سرير منتظم على أجهزة الغسل والأدوية بسبب الوضع المزري الذي تمر به البلاد، والأعداد الكبيرة التي تراجع المراكز الحكومية المخصصة لغسل الكلى في صنعاء، ولعدم تمكنه من دفع أجور الغسل في المراكز الأهلية، أصابه جهاز غسل الكلى (بفايروس كلوي) كاد يتسبّب بتوقف كليته لولا تدخل أحد الأطباء وإنقاذه.

ليست صنعاء المسيطر عليها من مليشيا الحوثي، وحدها من تشكو قلة مراكز غسل الكلى وانعدام الخدمات الضرورية للمواطنين، فالمليشيا سلطة للإتاوات ووكيل للموت، ولا شأن لها بحياة المواطن واحتياجاته، فالأمر يكاد يكون حالة عامّة في كل مدن البلاد الرازحة تحت سلطة الحوثي، إذ يوجد مركز واحد في كل محافظة يعمل بطريقة سد الحاجة فقط، دون أيّ تطور في المعدات والآليات وزيادة المراكز تماشياً مع زيادة حالات الإصابة بأمراض الكلى.

أسعار خيالية وتغاضٍ متعمد من السلطات الرسمية

عبدالله المطري، مصاب بعجز كلوي، أجبر على الغسل شبه اليومي، ولعدم التزامه بالنظام الغذائي المحدّد، واستمراره في تناول القات، تعرض إلى شبه توقف وتسمّم كلوي، لولا التدخل الطبي في أحد المستشفيات الأهلية والتي دفع فيها مبلغا ماليا كما قال: "دفعنا للمستشفى مبلغا يساوي دية قتل ما عاده علاج".

وأضاف، لو معنا دولة بصدق أنها توفر علاجات ومراكز غسل، أو يراقبون هؤلاء المجرمين الذين في المستشفيات الخاصة فهم لا يعرفون غير (ادفع) وسدد..

فيما اضطر وليد الصلاحي إلى إعادة والده الذي يحتاج لغسل كلوي إلى المستشفى الحكومي لعدم تمكنه من دفع مصاريف الغسل الكلوي في المستشفى الأهلي والاكتفاء بما يقدّم من خدمات متواضعة في المستشفى الحكومي.

من جانبه يقول لنيوزيمن المريض حسام الكمال الذي لم يكن أمامه سوى خيار مراجعة المركز الحكومي لغسل الكلى في مستشفى الثورة وانتظار دوره رغم تيّقنه من أن الغسل ليس بالمستوى المطلوب، لكن بحسب قوله، بعض الشر أهون..

 ويبقى تساؤل آخر، إذا كان هذا حال مرضى الفشل الكلوي، فيا ترى كيف هو حال مرضى القلب والكبد والسرطان، في ظل الإهمال الذي تتعامل به سلطات الأمر الواقع في المحافظات الشمالية، وكذلك المتاجرة التي تقوم بها المنظمات الدولية بمآسي المرضى وتلقيها الدعومات الخارجية دون أي نتيجة ملموسة بشكل فعلي.