القطاع النفطي في اليمن.. بين إنتاج يُصارع البقاء وصفقات تقاسم العائدات

تقارير - Sunday 28 July 2024 الساعة 11:12 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

صعدت زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي برفقة عضوين من المجلس إلى محافظة حضرموت السبت، من الجدل الدائر حول وجود تفاهمات خلف الأضواء لعقد صفقة تسمح باستئناف تصدير النفط المتوقف منذ أواخر عام 2022م.

وتسببت هجمات شنتها جماعة الحوثي المدعومة من إيران في أكتوبر من عام 2022م على موانئ تصدير النفط في كل من: حضرموت، شبوة على وقف عملية التصدير، مطالبة بتقاسم عائداته مع الحكومة الشرعية تحت ذريعة دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها.

وفي أعقاب الاتفاق المفاجئ الذي أعلنه المبعوث الأممي الثلاثاء، لوقف التصعيد في الملف المصرفي، كشفت تقارير إعلامية وتصريحات صادرة عن جماعة الحوثي ترتيبات لعقد جولة مفاوضات اقتصادية مرتقبة بين الجماعة والحكومة، ستبحث عدة ملفات على رأسها بند الرواتب.

وخلال الساعات الماضية انتشرت تسريبات بين الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حول وجود مشاورات سرية بين جماعة الحوثي والسعودية للوصول إلى تفاهمات تسمح باستئناف تصدير النفط، مقابل منح الجماعة نسبة من العائدات.

ومنذ وقف تصدير النفط، كررت جماعة الحوثي تهديداتها بمنع أي محاولة لاستئناف تصديره ما لم يتم منحها نسبة من العائدات، في حين أشارت تقارير لوسائل إعلام تابعة للجماعة بأنها لا تربط مسألة تقاسم العائدات بدفع رواتب الموظفين المدنيين بحسب كشوفات 2014م.

بل إن الجماعة باتت تطرح تقاسم عائدات النفط والغاز وفق الكثافة السكانية الواقعة في مناطق سيطرتها وسيطرة الحكومة الشرعية، وتطرح تحت هذا البند حصولها على نسبة 70% من العائدات.

وبعيداً عن مطالب الجماعة الحوثية، فإن مسألة منحها نسبة من العائدات تصطدم بعوائق كثيرها أهمها وأبرزها موقف المحافظات النفطية المنتجة وهي: حضرموت وشبوة ومأرب والتي تحصل على نسبة 25%من العائدات بتوجيهات من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، ومن المستبعد أن تقبل التنازل عن هذه الحصة.

وبحسب أحدث البيانات المتوفرة من مصادر حكومية ومستقلة، فإن الإنتاج اليومي من النفط قبل توقف التصدير حوالي 80 ألف برميل نصفها من حقول حضرموت والنصف الآخر من حقول مأرب وشبوة، تذهب منها نحو 10 آلاف برميل للتكرير بمصفاة مأرب، ويصدر الباقي، أي نحو 70 ألف برميل، 65 ألف برميل حصة الحكومة ونحو 5 آلاف برميل حصة لشركتي إنتاج أجنبيتين.

وبحسب تقارير البنك المركزي في عدن، فقد وصلت عائدات تصدير النفط عام 2021م إلى نحو 1.4 مليار دولار، في حين لم تتجاوز الـ900 مليون دولار عام 2022م بعد أن توقف التصدير في شهر أكتوبر، حيث لا تزال أكثر من 3 ملايين برميل نفط مخزنة في منشأة الضبة بحضرموت.

وتعد أرقام الإنتاج حالياً متواضعة مقارنة بمستوى الإنتاج النفطي قبل انقلاب جماعة الحوثي في سبتمبر 2014م، والذي وصل إلى نحو 167 ألف برميل، و184 ألف برميل عام 2013م، في حين كان ذروة إنتاج اليمن من النفط عام 2002م والذي وصل إلى 439 ألف برميل يومياً.

التدني الواضح في إنتاج اليمن من النفط يعود إلى التداعيات المؤلمة التي خلفتها الحرب على قطاع النفط، والمتمثل في مغادرة أغلب شركات الإنتاج الأجنبية التي كانت تعمل في البلاد، وتعد شركة "كالفالي" الكندية و"أو إم في" النمساوية، الشركتين الاجنبيتين اللتين عاودتا العمل في اليمن عقب 2015م.

مغادرة الشركات الأجنبية دفع الحكومة إلى تسليم القطاعات النفطية الإنتاجية إلى الشركات المحلية كشركة بترومسيلة وصافر وشركة الاستثمار النفطية، إلا أنها فشلت في تطوير الإنتاج بالحقول الحالية فضلاً عن عجزها في حفر حقول إنتاج جديدة، بحسب ما كشفه رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط المهندس/ خالد باحميش في إفادة له إلى لجنة برلمانية العام الماضي.

حيث يؤكد المسئول الحكومي بأن الشركات الوطنية التي حلت مكان الشركات الأجنبية لم تعمل على تطوير الإنتاج، بل إنها فشلت حتى في الحفاظ على سقف الإنتاج من الحقول النفطية في عهد الشركات الأجنبية، معتبراً أن ذلك نتيجة طبيعية لافتقار هذه الشركات الوطنية لما تتطلبه الصناعة النفطية من قدرات مالية عالية جداً وتقنيات وتكنولوجيا حديثة إلى جانب رأس المال الكبير.

وسبق وأن حذر مختصون في ملف النفط، من إمكانية توقف عملية الإنتاج من الحقول الحالية جراء الاستنزاف الكبير الذي تعرضت له، حيث أن الإنتاج تجاوز 80% من المخزون في بعض هذه الحقول، وأن الحاجة باتت ملحة لعمليات استكشاف لإدخال حقول إنتاجية جديدة وهو ما يتطلب توفير الأوضاع المناسبة لعودة الشركات الأجنبية التي تمتلك الإمكانيات لإنقاذ القطاع النفطي في اليمن.