في أزمنة الهزيمة ينكفئ الناس إلى الماضي.
يتحول الماضي في ذهن المنهزم إلى ماض ذهبي مثالي كريستالي مصاغ بمثالية مطلقة.
تحدث علم النفس عن حالة النكوص التي تحدث عندما يتعرض الشخص لصدمة قاسية في حياته.
يتقهقر الفرد إلى مرحلة سابقة من مراحل العمر ويعود لممارسة السلوك غير الناضج الذي كان يمارسه في تلك المرحلة لأنه كان يحقق له النجاح (أو هكذا يظن).
فيعود الشاب أو الرجل المنصدم/المنهزم إلى مرحلة الطفولة، لأنها كانت مرحلة آمنة ويضفي نوعا من المثالية الزائفة عليها باعتبارها الجنة المفقودة.
حدث هذا للعرب بعد هزيمة 1967 فانكفأوا نحو "التراث"، الأم الرؤوم والملاذ الآمن.
ويحدث هذا اليوم لبلدان "الربيع" المنتكسة التي فقدت الدولة والأمن والأمان والثقة في المستقبل.
تكتسي أغلب الاتجاهات العامة في اليمن طابعا "نكوصيا" يحلم بالعودة للمرحلة الطفولية/الماضي الجميل.
العودة لدولة ما قبل 2014 (الشرعية).
العودة لدولة ما قبل 1990 (الحراك الجنوبي).
العودة للخلافة الراشدة (الإخوان، السلفيون).
العودة لدولة الحق الإلهي قبل 1962 (الحوثيون).
العودة الأبعد لماضي الحضارة اليمنية القديمة قبل 2000 أو 3000 سنة (القوميون الجدد).
كل هذه أشكال من النكوص الجماعي في بلد يعاني من نكوص تاريخي تحول إلى عزلة مقدسة، وانعزال مخيف عن العالم.
لم تكن مشكلة اليمن الابتعاد عن الماضي لأن الماضي، بكل أشكاله، هو الحقيقة الوحيدة في اليمن.
سلفيات تلد بعضها وتتنافس في الإيغال في وهم الأمس غافلة عن أبسط أسس بناء المستقبل.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك