إلغاء الحوثي لوزارة الأوقاف.. سيطرة أسرية على الوظيفة ونهب ممنهج لأموال الدولة

تقارير - Sunday 21 March 2021 الساعة 06:50 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

استمراراً لنهج مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، في تغيير هوية الدولة اليمنية وتجريف الوظيفة العامة بكيانات ومؤسسات يتم انشاؤها خارج الأطر الدستورية والقانونية أصدرت المليشيات قراراً جديداً يقضي بتعديل مسمى وزارة الأوقاف والإرشاد إلى وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة.

القرار هو الرابع توالياً والذي أصدرته المليشيات في أقل من ثلاثة أشهر ويندرج في إطار عملية ممنهجة ليس لحوثنة الأوقاف والسيطرة عليها فقط، بل ولتغيير معالم وهوية مؤسسات الدولة المنبثقة وفقاً لأطر دستورية وقانونية شرعية، بالإضافة إلى أنها تأتي في إطار سياسة تكرس مفهوم الشطرية والانفصالية للسلطات في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات، وتصنع واقعاً مغايراً لمعالم الدولة اليمنية ومؤسساتها التي تدار من قبل الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.

وكانت مليشيات الحوثي أعلنت يوم السبت 30 يناير/كانون الثاني الماضي، إنشاء ما سمته الهيئة العامة للأوقاف، دونما تحديد لماهية وظيفتها ومهامها ومواردها المالية ومعايير تعيين مسئوليها، وهو الأمر الذي جاء ليلغي دور وزارة الأوقاف والإرشاد التي تندرج في إطار حصة المؤتمر الشعبي العام في الحكومة الخاضعة لسيطرة المليشيات.

وكانت مصادر سياسية كشفت لنيوزيمن: عن خلافات بين قيادات في مؤتمر صنعاء ومليشيا الحوثي، حول تشكيل هذه الهيئات، ففيما تبرر مليشيا الحوثي ذلك بما تسميه تعزيز عوامل مواجهة العدوان، تشكك أصوات مؤتمرية في مشروعية إنشاء هذه الهيئات وقانونيتها في مثل هذه الظروف بما فيها "العدوان" وما وصفته "الانقسام السياسي"، في إشارة إلى اعتبار مثل هذه الهيئات مؤسسات (شطرية- انفصالية).

مواضيع مرتبطة

اعتراض خجول لمؤتمر صنعاء.. حوثنة الأوقاف بهيئة "شطرية" وقيادة "عائلية"

وعقب يوم من صدور قرار المليشيات الحوثية بإنشاء هذه الهيئة غير الدستورية أصدرت قراراً آخر قضى بتعيين القيادي المنتمي إلى أسرة زعيم المليشيات والمدعو عبدالمجيد عبدالرحمن حسن الحوثي رئيسا للهيئة العامة للأوقاف وهو ما عكس حقيقة السياسة الممنهجة للمليشيات بتحويل الوظيفة العامة، وبالذات المناصب المهمة في المؤسسات التي تتولى إدارة أهم مرافق الدولة إلى مناصب عائلية لأسرة زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي وأقاربه الذين باتوا يسيطرون على كافة وأهم المناصب في مختلف المؤسسات التنفيذية في صنعاء.

وأوضحت مصادر سياسية في صنعاء لنيوزيمن: أن قيادات المؤتمر في صنعاء طلبت من وزير الأوقاف والإرشاد المحسوب عليها نجيب العجي الاعتراض على قرار إنشاء هيئة الأوقاف بمبرر أنه جاء خارج الأطر الدستورية والقانونية وبعيدا عن أي مناقشة داخل مجلس الوزراء، إلا أن الوزير العجي خضع لضغوطات المليشيات التي لم تمهله سوى أسبوع واحد حتى يجري ما سمي بدور استلام وتسليم بينه وبين القيادي الحوثي المعين رئيسا للهيئة العامة للأوقاف المستحدثة، وهو إجراء كشف الكيفية العبثية التي تمارس بها المليشيات الحوثية إدارة المؤسسات التنفيذية، إذ أنه تم بين شخص وزير الأوقاف وبين رئيس هيئة مستحدثة بمفرده وليس لديه حتى أي مساعد.

ومواصلة لسياسة تدمير مؤسسات الدولة وحوثنة الوظيفة العامة أعقبت المليشيات تلك الإجراءات بقرار تعيين لخمسة من قياداتها في مناصب فصلتها داخل إطار هيئة الأوقاف المستحدثة، قبل أن تعقبه بالقرار الأخير بتعديل مسمى وزارة الأوقاف والإرشاد إلى وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة، ليكتمل بذلك مسلسل السيطرة على كل ما له علاقة بالأوقاف التي كانت تدار من قبل الوزارة وفقاً للنصوص الدستورية والقانونية.

وتعد قضية السيطرة على الأوقاف إحدى الملامح الرئيسية التي ظهرت في توجهات المليشيات منذ انقلابها على مؤسسات الدولة في سبتمبر 2014م، حيث اولت قضية السيطرة على أملاك الأوقاف التي تضم أراضي وعقارات الأوقاف التابعة للدولة أهمية خاصة من خلال تعييناتها في وزارة الأوقاف والإرشاد والمكاتب التابعة لها في العاصمة صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرتها قبل أن تنفذ عملية جرد خاصة بأراضي الأوقاف واملاكها وتمنع أي تصرف بها إلا بموافقات من قبل قيادات المليشيات.

وقالت مصادر في وزارة الأوقاف لنيوزيمن: إن إلغاء المليشيات لدور وزارة الأوقاف واستبدالها بما سمي بالهيئة العامة للأوقاف عكست نهج الاقصاء ورفض القبول بالآخر، حيث يتم اقصاء وتهميش دور المؤتمر كشريك في الحكومة الخاضعة لسيطرة المليشيات من خلال استحداث الكيانات والمؤسسات التي تحال إليها صلاحيات الوزارات التي تدار من قبل وزراء محسوبين على المؤتمر الشعبي العام.

وأضافت: كما أن هذه الإجراءات جاءت لتستكمل مسلسل البسط والنهب الذي تمارسه المليشيات وقياداتها لأراضي الأوقاف وأموالها وايراداتها منذ ستة أعوام، ناهيك عن أنها أكدت سعي المليشيات لإنشاء كيانات تمنحها وضع دولة داخل الدولة، وهو الأمر الذي يمثل تكريسا لمفاهيم الشطرية والانفصال من جهة، ومن جهة أخرى يضع عقبات وعراقيل ستمثل قنابل أمام أي اتفاقات تسوية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام، إذ لا يمكن القبول حينها من قبل الأطراف الأخرى وبالذات حكومة الشرعية والأحزاب السياسية ومن سيشاركون في المفاوضات ببقاء الأوضاع التي انتجتها سياسات المليشيات والتي سترفض بدورها التخلي عن هذه الإجراءات إلا مقابل حصولها على تنازلات تتمثل على الأقل في استيعاب من عينتهم في إطار مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذي سينعكس تأثيره سلبيا على مستقبل أداء الدولة ومؤسساتها بعد التسوية.

ودللت المصادر على ذلك بقيام القيادي الحوثي المعين رئيسا للهيئة العامة للأوقاف المستحدثة عبدالمجيد عبدالرحمن حسن الحوثي الذي باشر ممارسة مهامه بعملية سطو على أكثر من 20 ألف لبنة ونحو 70 مبنى زعم أنها تابعة للأوقاف ولا يحق لأحد التصرف بها إلا بتوجيهات منه، فضلا عن توجيهاته بتحويل كل الإيرادات الخاصة بالأوقاف إلى حسابات تخضع لإشرافه شخصيا.

ولايضاح حجم الاستغلال الذي تمارسه المليشيات بسيطرتها على قطاع الأوقاف يكشف تقرير صادر عن مكتب الأوقاف بأمانة العاصمة فقط، والذي يدار من قبل المليشيات الحوثية، أن إيرادات المكتب خلال العام الماضي 2020م ارتفعت إلى 3 مليارات و568 مليونا و653 ألفا و859 ريالا، بزيادة عن المقابل من العام 2019م مبلغ مليار و531 مليونا و423 ألفا و319 ريالا، وبزيادة بما نسبته 210 %، أي بزيادة مليارين و653 مليونا و754 ألفا و270 ريالا عن العام 2018م.

كما يشير التقرير إلى أن المليشيات بسطت سيطرتها على 52 عقاراً من أراضي الوقف بمساحة 15 ألفا و10 لبن في مديريات الأمانة، ووضع العلامات الحديدية لأرض زراعية، منها بمساحة 13 ألف لبنة عشاري، تم استعادتها في مديرية بني الحارث وتسوير 61 أرضية بمساحة ألف و176 لبنة عشاري في مديريات بني الحارث، السبعين، شعوب وصنعاء القديمة.

وحسب التقرير، فقد تم حجز 33 من أراضي الأوقاف بمساحة 10 آلاف و17 لبنة عشاري من أراضي الوقف في مديريات السبعين، شعوب، الوحدة والثورة كإجراء احترازي لحمايتها لحين الفصل بالقضايا المتعلقة بها.